الاثنين، 22 مايو 2017

الزائر الغريب

 الزائر الغريب

وقفت بباب مكتب جيمس هاكر سمسار العقارات بمدينه ايفي كورنرز سياره فخمه 
تدل لوحتها المعدنيه علي أنها من نيويورك
ولم يكن هاركر بحاجه الي النظر في لوحه السياره كي يعلم أن صاحبها ليس من أهل المدينه
فقد كانت السياره حمراء فارهه لا مثيل لها في ايفي كورنرز وكان صاحبها قصير القامه
بدينا لم يسبق لهاركر أن رآه.
وغادر الشخص سيارته ووقف علي افريز الشارع يتأمل الافته الكبيره التي وضعها
هاركر علي باب مكتبه .
قال السمسار يحدث سكرتيرته التي كانت وقتئذ في شغل بقرائه احدي القصص.
،، تظاهري بالأستغراق في العمل يا هيلين فقد أقبل زبون ،،
فأخفت هيلين القصه في أحد الأدراج ووضعت ورقه بيضاء في الآله الكاتبه
وسألت السمسار:
- ماذا أكتب يا مستر هاكر؟
- أي شيء .. أي شيء
وفتح الرجل الباب ودخل وراح ينقل بصره بين السكرتيره والسمسار،
ثم احني رأسه لهذا الأخير محييا وقال متسائلا :
- هل أنت مستر هاكر ؟
-نعم يا سيدي فماذا أستطيع ان افعل من أجلك ؟
فلوح بصحيفه في يده وقال :
- لقد قرأت اعلانا عن مكتبك في هذه الصحيفه
- نحن ننشر هذا الأعلان في التايمز مره كل أسبوع لأن الكثيرين من أهل المدينه الكبراء يتوقون 
الي شراء بيوت في المدن الصغيره الهادئه يخيل الي أنك من نيويورك يا مستر ...
فقال :
- بيري ..أدكار بيري
وأخرج من جيبه منديلا جفف به عرقه وقال :
- إن الطقس حار اليوم ؟
- هذه موجه طارئه لن تستمر طويلا فأن الجو في هذه المدينه معتدل بصوره عامه،لأنها 
تقع علي ضفه بحيره كبيره لا شك انك مررت بها وأنت في طريقك إلينا ،
ألا تتفضل بالجلوس يا مستر بيري ؟
-شكرا .
وتهالك علي أحد المقاعد، وتنهد بارتياح 
- لقد طفت بارجاء المدينه قبل قدومي اليك وهي في الحقيقه مدينه صغيره هادئه.
- انها كذلك هل لك في لفافه تبغ يا مستر بيري؟
كلا .. شكرا ثم أن وقتي ضيق فهل أستطيع التحدث فورا فيما أتيت بخصوصه؟
ثم وجه حديثه الي الفتاه قائلا :
- هلا كففت عن الكتابه الأن يا هيلين ؟ ان ضوضاء الأله الكاتبه لا يحتمل.
- حسنا يا مستر هاكر.
-والأن يا مستر بيري .. هل وقع اختيارك علي منزل معين تريد شرائه ؟ 
- الواقع أنني رأيت منزلا علي مشارف المدينه وأريد أن أعرف شيئا عنه ،
انه منزل قديم يخيل الي أنه مهجور؟
- هل هو قائم علي أعمده وتحيط به حديقه واسعه؟
- نعم وقد رأيت عليه لوحه تدل علي أنه معروض للبيع .
فهز هاركر رأسه في حزن وقال:
- هذا المنزل غير جدير باهتمامك يا سيدي.
فسأله مستر بيري :
- لماذا
فقدم اليه هاركر قائمه بالمنازل المعروضه للبيع وقال :
- اقراء ما كتب عنه في هذه القائمه.
وقرأ مستر بيري: 
منزل قديم يتألف من ثماني غرف وحمامين وتحيط به حديقه كبيره..
وموقعه قريب من السوق والمدارس، الثمن 75 الف دولار
قال هاركر:
- الا يزال يهمك شرائه؟
- ولم لا؟ هل ثمه ما يمنعني من شرائه؟
فحك هاركر راسه وقال :
اذا كانت هذه المدينه قد أعجبتك حقا.. وكان في نيتك الأقامه بها فاءنني أستطيع
أن اعرض عليك بيوتا أفضل من هذا بكثير.
فقال مستر بيري:
- صبرا لحظه لقد جئتك للأستفسار عن هذا المنزل بعينه فهل تريد أن تبيعني اياه أو لا تريد
فارتسمت علي شفتي هاركر ابتسامه ساخره وقال:
- دعني اوضح لك الأمر يا مستر بيري ... منذ خمس سنوات جاءتني السيده فلورنس غريم عقب وفاه ابنها
وطلبت الي التوسط في بيع منزلها ولكن قلت لها في صراحه أن الثمن الذي تطلبه
مبالغ فيه كثيرا وان المنزل لا يساوي اكثر من عشره آلاف دولار.
ولم يستطع مستر بيري اخفاء دهشته، وصاح
- كيف تطلب اذا 75 الف دولار ثمنا لمنزل لا يساوي اكثر من عشره آلاف دولار
- أرجوألا تسألني عن ذلك ان المنزل قديم فعلا ويكاد أن يكون أثريا ،
ولكن بعض اعمدته توشك أن تنهار وقبوه مليء بالماء، وطابقه العلوي
مائل نحو خمسه عشر سنتيمترا!
فسأله مستر بيري:
- اذا لماذا تطلب هذا المبلغ الباهظ ثمنا لمنزل متداع ؟
فهز هاكر كتفيه وقال :
- لعلها تفعل ذلك لأسباب عاطفيه فالمنزل مملوك لأسرتها منذ حرب الأستقلال.
فأطرق مستر بيري رأسه وغمغم قائلا كمن يحدث نفسه:
- هذا امر يؤسف له!
وارتسمت علي شفتيه ابتسامه باهته...
وقال يحدث مستر هاكر:
- لا أكتمك أن المنزل أعجبني لحسن موقعه وكنت أفكر فيه باعتباره
المكان الذي طالما حلمت بالأقامه في مثله.
- الواقع انه صفقه طيبه بمبلغ عشره ألاف دولار أما أن يدفع المشتري خمسه وسبعين الفا...
وقلب شفتيه وضحك ثم استطرد قائلا:
-انني أفهم وجهه نظر صاحبته وأعرف طريقه تفكيرها.. ان ايرادها ضئيلل 
وكان ابنها يساعدها بالمال منذ كان يعمل فينيويورك ويربح كثيرا ثم مات الأبن
ووجدت المرأه أن من الأوفق أن تبيع المنزل، ولكنها لم تستطع اقناع نفسها بالتخلي عنه ..
بعد أن عاشت فيه هي وأسرتها أكثر من قرن من الزمان ولهذا حددت له ثمنا باهظا
لا يقبله أحد.. وبذلك أرضت ضميرها.
- ان بعض الناس ينحون في تفكيرهم نحوا عجيبا.
فقال مستر بيري وهو مستغرق في التفكي :
- نعم هذا صحيح 
ثم نهض واقفا وقال :
- لقد خطر لي خاطر يا مستر هاكر ، لماذا لا تدعني اتصل بمسز غريم وأتفاوض معها
فربما استطعت اقناعها بخفض الثمن.
فتمتم هاكر :
- سوف تضيع وقتك سدي يا مستر بيرري ... انني أحاول ذلك منذ خمسه أعوام
- من يدري ؟ ربما اذا حاول ذلك أحد سواك.
-جرب حظك اذا وأنا علي استعداد لمعاونتك .
فقال مستر بيري :
- حسنا .. سأتصل بها تليفونيا علي الفور لأنبئها بقدومك .
واجتاز مستر بيري شوارع المدينه الصغيره الهادئه بسيارته الحمراء الكبيره...
ووصل إلي منزل أحلامه دون أن يلتقي في طريقه بأيه سياره أخري.
ودق باب المنزل، ففتحته سيده قصيره القامه بدينه الجسم وقد خط الشيب شعرها ، وأحدثت السنون
في وجهها أخاديد عميقه تلتقي كلها عند ذقن تنم عن العناد وقوه الأراده.
قالت: 
- لابد أنك مستر بيري .. لقد اتصل بي مستر هاكر وأنبأني بقدومك.
فأجاب بيري وهو يضع علي شفتيه أعذب ابتسامه :
- نعم يا سيدتي .. هل تسمحين لي بالدخول ؟ إن الحر لا يطاق 
- أعلم ذلك ، ولقد أعددت لك قدحا من عصير الليمون المثلج ، تفضل بالدخول يا سيدي ، 
ولكن لا تتوقع الدخول معي في مساومات ، فانني لست ممن يساومون.
فرد في أدب :
- أعلم ذلك يا سيدتي.
وتبعها إلي الداخل 
وكان المنزل مظلما رطبا فقادته السيده الي قاعه استقبال فسيحه تبعثرت
في أرجائها قطع من الأثاث لا طراز لها ولا لون.
وجلست المرأه علي أحد المقاعد ، وعقدت ساعديها فوق صدرها بحزم وقالت :
- اذا كان لديك ما تريد قوله يا مستر بيري فقله علي الفور.
فتنحنح بيري ليجلو صوته ، وقال في رقه ودعه :
- لقد تحدثت الي السمسار بشأن هذا :
فقاطعته قائله :
- اعلم كل ذلك ، ولكن هاكر كان مغفلا حين شجعك علي القدوم لمساومتي ، ومحاوله اقناعي بخفض
ثمن المنزل ، فليس من اليسب علي من كانت في مثل سني أن تتزحزح عن رأيها .
فقال بيري متلعثما : 
- الواقع يا سيدتي ، أن هذه لم تكن نيتي ، انما كنت أريد أن أتجاذب معك أطراف الحديث !
فتراخت المرأه في مقعدها وقالت :
- الكلام مباح فقل ما بدا لك .
فقال بيري وهو يجفف عرقه :
- سأوضح لك الموقف بأيجاز.. انني رجل أعمال ، وأعزب.. وقد كافحت طويلا 
وجمعت ثروه لا بأس بها ، وآن لي أن استريح واقضي بقيه حياتي في مكان هايءن ولقد اعجبتني 
هذه المدينه .. وأذكر انني مررت بها في احدي جولاتي وقلت لنفسي :
حبذا لو أجد بيتا يصلح لاقامتي ؟
- وقد اتيت اليوم الي هذه المدينه ، ورأيت هذا المنزل، وخيلالي انه ضالتي المنشوده.
- أنا ايضا أحب هذا المنزل يا مستر بيري، والثمن الذي ذكره لك مستر هاكر معتدل كثيرا.
- خمسه وسبعون الفا ليست مبلغا معتدلا يا مسز غرين، ان بيتا كهذا لا يكلف هذه الأيام
أكثر من .. 
فقاطعته المرأه صائحه :
- كفي .. كفي يا مستر بيري ... قلت لك انني لست علي استعداد للمساومه ،
فاذا لم تكن علي استعداد لدفع الثمن الذي طلبته ، فأرجو أن تعتبر الموضوع منتهيا .
- ولكن..
- طاب يومك يا مستر بيري.
ونهضت واقفه ، كأنما لتوحي اليه بالأنصراف..
ولكنه لم يبرح مكانه وهتف قائلا :
- صبرا لحظه يا سيدتي ، صبرا لحظه ، انه ثمن خيالي ، ولكن.. ولكن لا بأس ، سأدفع ما تطلبين.
فرمقته بنظره فاحصه طويله ، ثم قالت ببطء :
- هل أنت واثق من ذلك يا مستر بيري ؟
- كل الوثوق .. عندي مال كثير ، وما دامت هذه إرادتك فليكن ما تريدين !
فقالت وعلي شفتيها ابتسامه غامضه :
- لابد أن يكون عصير الليمون قد اثلج الأن .. سآتيك بقدح منه ، ومن ثم أحدثك عن المنزل 
وجفف بيري عرقه وتناول قدح العصير المثلج الذي جاءت به المرأه
علي صفحه صغيره ، وتجرع الشراب بشراهه.
وقالت العجوز وهي تسترخي في مقعدها :
- لقد امتلكت أسرتي هذا المنزل منذ سنه 1802 وكان قد بني قبل ذلك بنحو خمسه عشر عاما
وجميع أفراد الأسره فيما عدا ابني ميشبل قد ولدوا في غرفه النوم بالطابق الثاني
أنا الوحيده التي شذذت عن أمهات الأسره ، فقد وضعت ميشيل في أحد المستشفيات.
ولمعت عيناها الضيقتان واستطردت قائله :
- أنا أعلم أنه ليس أفضل منزلفي المدينه ، ومنذبضعه اعوام امتلاء قبوه بالماء ،
ولم يجف تماما منذ ذلك الوقت ..
ولقد توفي زوجي ولم يبلغ ميشبل التاسعه من عمره ، وضاق بنا الحال حتي اضررت 
إلي مزاوله الحياكه والتطريز وأشغال الأبره ، وكان أبي قد ترك لي ايرادا 
صغيرا وهو الذي أعيش به الأن ..وافتقد ميشيل أباه ، ونشأ غلاما ثائرا
متمردا ، طموحا كغيره من الشباب ، فما أن تخرج من الجامعه ، حتي 
رحل الي نيويورك رغم ارادتي ، ولا بد أنه نجح في عمله هناك ، لأنه 
كان يرسل لي نقودا بانتظام ، ولكني لم اره طيله تسعه أعوام !
واغرورقت عيناها بالدمو ومضت تقول :
- لقد آلمني فراقه .. ولكن ألمي كان أشد حين عاد ، لأنه كان في مأزق ..
ولم أعرف تماما ما هي متاعبه ، فقد اقبل في منتصف الليل ..
كان شديد الهزال والنحول ، ويبدو أكبر سنا مما هو حقيقه، ولم يكن 
يحمل من المتاع سوي حقيبه صغيره سوداء ، وحينما حاولت فتح الحقيبه ،
رفع يده وهم بأن يضربني .. نعم هم بأن يضربني ، أنا أمه.
ووضعته في الفراش كما كنت أفعل وهو طفل ، ولكن لك يغمض له جفن ، وظل يبكي طوال الليل.
وفي الصباح .. طلب الي أن أغادر المنزل لبضع ساعات ، وقال انه يريد أن يفعل شيئا ، 
ولم يوضح لي طبيعه ذلك الشيء ، ولكني لا حظت حين عدت في المساء أن الحقيبه اختفت .
وهنا افرغ مستر بيري في جوفه ما تبقي في القدح من عصير الليمون وسأل :
- وكيف تفسرين ذلك ؟
- لم أعرف علي الفور ، ولكني عرفت كل شيء في المساء ، فقد اقبل 
شخص الي المنزل في المساء ، ولا أعلم كيف دخل ، ولكني علمت بوجوده
حين سمعت صوته في غرفه ميشيل ،فألصقت اذني بباب الغرفه ، 
وحاولت أن أنصت الي حديثهما لأعرف نوع المتاعب التي تقلق ميشيل وتؤرقه،
ولكنني لم اسمع سوي صيحات الغضب وعبارات التهديد ، وفجأه ..
وصمتت العجوز لحظه ، وغاص رأسها فوق صدرها كما لو كانت الذكريات تثقل كاهلها.
ثم عادت الي الحديث : 
- وفجأه ، دوي طلق ناري ، فاقتحمت الغرفه ، ورأيت احدي النوافذ مفتوحه ،
وقد اختفي الزائر المجهول ، اما ميشيل فكان ممددا علي الأرض جثه هامده.
وصمتت المرأه مره أخري .. ثم عادت الي سرد قصتها .
- كان ذلك منذ خمس سنوات ، خمس سنوات طوال ، وقد انقضي بعض الوقت ..
قبل أن أعرف الحقائق كلها من رجال البوليس .
ويبدو مما قاله رجال البوليس ، ومما حدث في ذلك اليوم المشؤوم 
أن ميشيل والشخص الآخر اشتركا في السطو علي أحد البنوك ، وسرقا
بضعه آلاف من الدولارات ، وأن ميشيل اراد الأحتفاظ بالمبلغ كله لنفسه 
فجاء به في الحقيبه ، وطلب مني مغادره المنزل ليتسني له 
اخفاؤه في مكان ما ، وحين اقبل شريكه في مساء اليوم التالي 
للمطالبه بنصيه ، ولم يجد المال .. اطلق رصاصه علي ميشيل صرعته علي الفور .
وحملقت المرأه في وجه مستر بيري واستطردت قائله :
- وهذا هو السبب في أنني حددت ثمن هذا المنزل بخمسه وسبعين ألف دولار ..
كنت أعلم أن قاتل ولدي سيعود يوما ما وسيحاول شراء هذا المنزل بأي ثمن ،
للبحث فيه عن الحقيبه .. وأصبحت كل مهمتي ان أنتظر بفروغ صبر ..
حتي يأتي الشخص الذي يبدي أستعداده لشراء هذا المنزل المتداعي بالثمن الباهظ الذي حددته.
قالت ذلك ونظرت إلي مستر بيري وعلي شفتيها ابتسامه ساخره ماكره ؟
وكان بيري يترنح في مقعده وقد زاغ بصره ، وحين حاول إعاده القدح الي مكانه 
في الصفحه ، لم يستطع ذلك .. وسقط القدح من يده 
وسمعته المرأه يغمغم بصوت متقطع :
- يا ألهي ! ما أشد مراره هذا العصير !وكانت تلك آخر كلمه نطق بها مستر بيري قبل أن يقتله الشراب المسموم

ثلاثة عشر لغزاً

ثلاثة عشر لغزاً

نفخ ريموند وست سحابة من الدخان وكرر الكلمات بشئ من السرور الواعي المعتمد : الغاز لم تحل !
نظر حولة راضياً كانت الغرفة قديمة ذات اعمدة سوداء عريضة تمتد تحت سقفها , وقد فرشت بأثاث من النوع الجيد القديم الذي يلائمها , ومن هنا جاءت نظرة الاستحسان فى عينى ريموند وست .
كان ريموند وست يمتهن الكتابة , ويحب ان يكون فى أجواء لا يعيبها أوينقص منها شئ .وقد كان بيت خالتةجين ماربل يسره دوماً باعتباره افضل اطار لشخصيتها . نظر إليها حيث تجلس أمام الموقد منتصبة الجذع فى كرسي ضخم وثير:كانت ترتدي ثوباًاسود مقصباً ضيقاً جداً عند الخصر , _فى الجزء الامامي منه _ شريط زركشة متموجاً من كتفيها حتى الخصر , وقفازاً أسودموشحاًوتضع فوق شعرها الثلجي الناعم قبعة سوداء مزركشة أيضاً. وكانت تحوك قطعة من الصوف الناعم الأبيض . أما عيناها الزرقاوان الغائمتان ,الممتائتان رقة ولطفاً,فقد استعرضتا بشئ من السرور ابن اختها وضيوفة . استقرت عيناها أولاً على ريموند نفسه ببهجته وانطلاقه, ثم انتقلتا إلى جويس ليمبرييه الفنانة ذات الشعر الكثيفالأسود والعينين الخضرواتين الغربتين , ثم انتقلت عيناها الى ذلك الرجل المتزين الذي عركته الحياة السير هنرى كليذريغ . وكان فى الغرفة شخصان اخران : الدكتور بيندر , ورجل الدين الكهل , والسيد بيثيريك المحامي , وهورجل ضئيل الجسم , يضع نظارات ينظر من فوقها لا من خلا لها .أولت الانسة ماربل لحظات انتباه قصيرة لكل هؤلاء ثم عادت إلى حياكتها وعلى شفتيها ابتسامة رقيقة .
أطلق السيد بيثريك تلك النحنحة الجافة التى يبدأ بها كلامة دوماً وقال: ماهذا الذي تقولة ياريموند ؟ ألغاز لم تحل ؟هاه ... ماذا عن تلك الألغاز؟
قالت جويس ليمبريية : لاشئ , إن ريمونديحب فقط صوت هذه الكلمات,ويحب سماع نفسه وهو يقولها .
رماها ريموند بنظرة يأنيب جعلتها ترمى برأسها إلى الخلف وتضحك , ثم قالت للانسة ماربل: إنه دجال , أليس كذلك ياانسة ماربل ؟أنا واثقة أنك تعلمين ذلك؟
ابتسمت الانسة ماربل بلطف دون الإجابة بشئ.
قال الكاهن بتجهم : الحياة نفسها لغز لم يحل .
اعتدل ريموند فى جلستهونفض لفافته بحركة مفاجئة وقال:ليس هذا ما أعنية . لم أكن ألقي حكماًفلسفية ,بل كنت أفكر بحقائق واقعية مجردة ملء السمع والبصر .حقائق وقعت ولم يفسرها أحد أبداً.
قالت الانسة ماربل :أعرف ياعزيزي بالضبط أنواع الأمور التى تعنيها .السيد كاروثرز_مثلاً_ تعرضت لتجربة بالغة الغراية بالأمس , فقد اشترت أوقيتين من الروبيان النتقى من محل إليوت, ثم مرت على محلين اخرين , وعندما وصلت ألى البيت وجدت أن الروبيان لم يكن معها .عادت ألى المحلين اللذين مرت بهما , ولكن الروبيان اختفى تماماً .هذا يبدو لي أمراً ملفتاً جداً للنظر.
قال السيد كليذريعغ بتجهم : قصة مريبة جداً
قالت الانسة ماربل وقد احمرت وجنتاها قليلاًمن الانفعال : توجد طبعا أنواع عديدة من التفسيرات الممكنة لهذا الأمر , أذ ربما كان أحهم مثلاً...
قاطعها ريموند وست قائلاً بشئ من السرور: ياخالتى العزيزة ,أنا لم أقصد هذا النوع من الأحدث التى تقع فى القرى , بل كنت أفكر بجرائم القتل والاختفاء ,بمثل تلك الجرائم التي يمكن للسير هنرى ان يحدثنا عنها طوال أن أراد ذلك .
قال السير هنرى بتواضع : ولكنى لست ممن يسهبون في الحديث عن مهنهم , أنا لاتحدث عن مهنتى أبداً.
كان السير هنرى كليذريغ حتى وقت قريب أحد كبار الضباط فى شرطة سكوتلانديارد. قالت جويس ليمبرييه: أحسب أن كثيراً من جرائم القتل وغيرها لم تجد له الشرطة حلاً أبدأً.
قال السيد بيثيريك: تلك حقيقة يعترفون بها كما أظن .
قال ريموند وست : غننى أتساءل : ترى أي نوع من الأدمغة هو الذي ينجح حقاً فى كشف الألغاز ؟ فالمرء يشعر دوماً بأن الافتقار غلى الخيال كثيراً ما يعوق رجل الشرطة العادي.
قال السير هنرى ببرود : تلك هي وجهة نظر الرجل العادي.
علقت جويس مبتسمة : إذاا حتاج المرء علم نفس وخيال فليلجأ غلى الكتاب.......
ثم قامت بانحناءة ساخرة لريموند, ولكنه ظل جدياً وقال بتجهم: إن الفن الكتابة يعطى المرء بصيرة تنفد إلى النفس البشرية , وربما رأى المرء عندها دوافع من شأن الرجل العادي أن يغفلها.
قالت الانسة ماربل : أعرف ياعزيزي أن كتبك تدل على ذكاء لامع , ولكن هل تعتقد حقاً أن الناس كريهون إلى تلك الدرجة التى تصورها فى كتاباتك؟
_ياخالتى العزيزة ! احتفظى بمعتقداتك لنفسك ,فليس لي أنا أن أفندها لاسمح الله .
قالت الانسة ماربل وهي تقطب جبينها قليلاً وتعد الغرزات فى الصوف الذى تحوكه: ماأعنيه هو أن الكثير من الناس لايمكن تصنيفهم بين الصالح والطالح كمايبدو لي , بل يكونون _ببساطة_ سذجاً سخفاء.
أصدر السيد بيثريك نحنحه الجافة ثانية وقال: ألاترى ياريموند أنك تولى أهمية كبيرة للخيال؟ إن الخيال صفة خطيرة جداً كما نعرف نحن المحامون حق المعرفة . إن القدرة على غربلة الأدلة بموضوعية وأخد الحقائق والنظر إليها كحقائق هو مايبدو لي الطريقة المنطقية والوحيدة للوصول إلى الحقيقة .ويمكن أن أضيف _من واقع خبرتي_ أنها أيضاً الطريقة الوحيدة الناجحة .
صاحت جويس وهي تقدف برأسها إلى الخلف بسخط :ياه ! ألااهن على أن بوسعى أن أغلبكم جميعاً فى هذه اللعبة , فأنا لست امرأة فقط ولكم ان تقولوا ما تشاؤون ولكم للمرأة حدساً لايملكه الرجل) بل إننى فنانة أيضاً . أناأرى أشياء لاترونها أنتم , كما أننى _بحكم عملي كفنانة _ خبرت كل أنواع الناس وظروفهم . إننى أعرف الحياة بشكل لايمكن للانسة الحبيبة ماربل أن تعرفه وهي تعيش فى هذه القرية الصغيرة .
قالت الانسة ماربل : ربما كنت على حق ياعزيزتي , ولكن أموراً شديدة الإيلام والإزعاج تحدث فى القرى أحياناً.
ابتسم السيد بيندر وقال : أيمكن لي أن أتكلم ؟ أعلم أن سمة هذه الأيام هي التصغير من شأن رجال الدين , ولكننا نسمع أشياء ونعرف جانباً من الشخصية الإنسانية يشكل كتاباً مبهماً للاخرين.
قالت جويس : حسناً ,يبدو لي أننا نشكل تجمعاً واسع التمثيل . ماذا لوشكلنا منتدى ؟ ماهو اليوم ........الثلاثاء ؟ سوف نسميه" منتدى الثلاثاء" . سنلتقى كل أسبوع , ويطرح كل عضو منا مشكلة بدوره ........ لغزاً يكون قد عرفه شخصياً وعرف حله بالطبع .لنر... كم عددنا نحن ؟ واحدد, اثنان ,ثلاثة , أربعة , خمسة . ينبغى لنا أن نكون ستة .
قالت الانسة ماربل بابتسامة عريضة: لقد نسيتنى ياعزيزتى.
فوجئت جويس قليلاً لكنها أخفت ذلك بسرعة وقالت :سيكون ذلك رائعاً ياانسة ماربل ,لم يخطر لي انك مهتمة باللعبة .
قالت الانسة ماربل : أظنها ستكون ممتعة جداً , خاصة بحضور العديدمن السادة الأذكياء كهؤلاء . أخشى أن لاأكون ذكية شخصياً , ولكن العيش طوال هذه السنين فى قرية سينت ميري ميد يعطى المرء بصيرة نافذة بالطبيعة الإنسانية .
قال السير هنرى بلباقة : انا واثق أن مساهمتك ستكون قيمة جداً.
سألت جويس : من الذي سيبدأ؟
قال السيد بيندر: لا أظننا سنختلف فى ذلك ,فعندما نحظى بهذا الحظ العظيم فى وجود رجل بارز بيننا مثل السير هنرى ......
ترك جملته دون إنهائها وانحنى بلباقة باتجاه السير هنرى .بقى السير هنرى ساكتاً للحظات ,ثم تنهد أخيراً وأعاد شبك ساقية وبدأ حديثة : من الصعب قليلاً عليّ اختيار ذلك النوع تحديداً من الألغاز التى تريدونها , ولكن أظن أننى أعرف حالة تناسب هذه الموصفات بشكل رائع . ربما كنتم قدرر أيتم ذكراً لتلك القضية فى الصحف قبل عام مضى , وقد تم فى حينها حفظ القضية بااعتبارها لغزاً لم يحل ,ولكن الحل وقع بين يدي فى الحقيقة قبل عدة أيام .
إن الحقائق القضية بسيطة جداً : ثلاثة أشخاص يجلسون لتناول عشاء يحتوى على جراد البحر المعلب . وفى وقت لاحق من تلك الليلة يقع ثلاثة مرضى , ويتم استدعاء الطبيب على وجه السرعة .يشفى اثنان من ثلاثة ويموت الثالث .
أطلق ريموند آهة استحسان فيما مضى السير هنرى قائلاً : وكما قلت فإن الحقائق بصيغتها تلك كانت بسيطة جداً .فقد عزيت الوفاة غلى تسميم الغدائي وأصدرت شهادة بهذا المعنى , وتم دفن الضحية حسب الأصول .ولكن الأموار لم تقف عند هذالحد .
أومأت الانسة ماربلبرأسها تفهماً وقالت : انتشرت أقاويل كما أظن , فهي عادة ماتنتشر.
مضى السير هنرى قائلاً : والآن عليّ أن أصف شخصيات هذه المأساة . سوف اسمى الزوج وزوجته السيد والسيدة جونز , ومرافقة الزوجة الآنسة كلارك . كان السيد جونز بائعاً جوالاً كثير السفر لشركة تصنع الأدوية , وكان رجلاً وسيماً بطريقة مظهرية خشنة , فى نحو الخن من عمره . وكانت زوجته امرأة عادية تقريباً فى نحو الخامسة والأربعين من عمرها. أما مرافقة, الآنسة كلارك , فقد كانت امرأة فى الستين من عمرها , بدينة ظاهرة البهجة ذات وجه محمر دائم الابتسام . بوسعكم القول إن أياً منهم لم يكن شخصية بالغة الأهمية .
وقد بدأت المتاعب بطريقة غريبة جداً . كان السيد جونز مقيماًفى الليلة التى سبقت الحادثة فى فندق صغير فى مدينة بيرمنغهام , وصدف أن كان الورق انشاف المستخدم لتنشيف الحبر قد وضع فى آلة التنشيف حديثاً فى ذلك اليوم , وحدث أن خادمة الغرف لم تجد يومها شيئاً تفعله أفضل من التسلى بدراسة ماهو منطبع على ورقة النشاف أمام المرآة بعد أن كان السيد جونز يكتب رسالة هناك .
بعدأيام من ذلك ذكرت الصحف خبر وفاة السيدة جونز عقب تناولها جراد البحر المعلب , وعندها قامت خادمة الغرف بالإفصاء لزملائها الخدم بالكلمات التى فكت رموزها على ورقة النشاف . وكانت الكلمات كالتالى" معتمد تماماً على زوجتى ...... عندما تموت ..... المئات والألوف"

ولعلكم تذكرون ان قضية قد شاعت مؤخراً عن رجل سم زوجته . وهكذا لم يتطلب الأمر الكثير حتى يلتهب خيال اولئك الخدم ,فقيل إن السيد جونز قد خطط لقتل زوجتة ليرث المئات والألوف من الجنيهات ! وحدث أن إحدى الخادمات كان لها أقرباء فى البلدة التى كان يعيش فيها جونز ,فكتبت لهم وكتبوا لها بالمقابل . ويبدو أن السيد جونز كان مهتماً كثيراً بابنة طبيب البلدة , وهى شابة جميلة فى الثالثة والثلاثين من عمرها........ وهكذا بدأت همهمات الفضيحة .وتم تقديم عريضة لوزارة الداخلية للتحقيق فى الأمر , وتلقت إدارة سكوتلانديارد سيلاً من الرسائل المغفلة من التوقيع وكلها تتهم السيد جونز بقتل زوجته. يمكننى القول إننا لم نعتقد للحظة واحدة بوجود شئ في المر باستثناء أقاويل أهل القرية وثرثرتهم , ومع ذلك فقد صدر أمر باستخرج الجثة . وكانت القضية واحدة من تلك القضايا التى تلفها الأساطير الشعبية التى لاتعتمد على أي أساس واتى ثبت _مع ذلك_ أنها مبررة كل التبرير ,فنتيجة للتشريح تم العثور على كمية وافرة من الزنيخ أصبح واضحاً معها أن المتوفاة قد ماتت نتيجة تسمم المتعمد . وكان على سكوتلانديارد أن تثبت _بالتعاون مع السلطات المحلية _ كيف تم دس الزرنيخ ومن الذي دسه.
صاحت جويس : آه ! هذا ماأحبه ............ أنها الجرائم الحقيقية !
أكمل السير هنرى : حامت الشكوك طبعا ً حول الزوج , إذ كان المستفيد من موت زوجته . ليس إلى حد مئات الألوف التى تخيلتها خادمة الفندق برومانسية بالغة , ولكن بمبلغ محترم يبلغ ثمانية الآف جنية . لم تكن له أموال خاصة غير مايكسبه بعملع, وكان رجلاً ذا عادات لا تخلو من إسراف ,مع ميل لمجتمع النساء . حققنا بكل عناية ممكنة فى إشاعات ارتباطه بابنة الطبيب . ورغم أنه بدا واضحاً أن صداقة قوية كانت تجمع بين الاثنين فى يوم ما, إلا أن انفصالا ً مفاجئاً جداً قد حدث قبل شهرين من ذلك , ويبدوأن أياً منهما لم ير الآخر منذ ذلك الحين .أما الطبيب نفسه _كهل من النوع المستقيم البريء_ فقد ذهل لنتيجة التشريح .كان قد استدعى فى منتصف الليل تقريباً لفحص ثلاثة فوجدهم جميعاً فى حالة سيئة , وقد أدرك فوراً الحالة الخطيرة للسيدة جونز , وأرسل إلى المستودع الذي يحتفظ فيه بالأدوية من يحضر له بعض حبوب الأفيون بغية تخفيف الألم .ولقد توفيت المرأة رغم كل الجهود , ولكنه لم يشك لحظة واحدة بأن فى المر شيئاً كان مقتنعاً أن وفاتها كانت بسب نوع من اتسمم الناشئ عن سوء حفظ المعلبات . كان العشاء فى تلك الليلة يتالف من جراد البحر المعلب والسلطة وحلوى الترايفل والخبز والجبن ,ولسوء الحظ لم يتبق شئ من جراد البحر ,فقد تم أكله كله ورمى العلبة .وقد حقق الطبيب مع الخادمة الشابة غلاديس وكانت فى غاية القلق والانزعاج تنكى بانفعال ) ووجد صعوبة في حملها على التركيز على الموضوع , ولكنها أكدت مراراً وتكراراً أم علبة جراد البحر لم تكن منتفخة أبداً , زان الجراد بدا لها بحالة جيدة تماماً.
كانت هذه هي الحقائق التى تعين علينا الانطلاق منها .أن كان جونز قد دس الزرنيخ بافع إجرامى فقد بدا واضحاً أن السم لم يوضع في أي من الأطعمة التى تم تناولها على العشاء ,باعتبار أن الثلاثة قد شاركوا فى تناول الوجبة . كما أنه كان علينا لأن نلاحظ أمراً آخر مهماص وهو أن جونز نفسه لم يعد من بيرمنغهام إلا عندما كان الطعام العشاء يؤتى به إلى المائدة , بحيث أنه لم يكن ليجد فرصة للعبث بأي نوع من الأطعمة مسبقاً
سألت جويس : وماذا عن مرافقة الزوجة ؟ البدينة ذات الوجه البشوش؟
أومأالسير هنرىبرأسه وقال: أوكد لك أننا لم نتجاهل الموضوع الآنسة كلارك .ولكن بدالنا أن من المشكوك فيه أن يكون لها دافع للجريمة وإذ لمتترك لها السيدة جونز أي حصة من الإرث , ولم تستفد من وفاة مخدومتها إلا عناء البحث عن عمل جديد.
قالت جويس متأملة : يبدو أن هذا يبرئ ساحتها .
أكمل السير هنرى قائلاً: ولكن سرعان مااكتشف أحد المفتشين العاملين معى حقيقة مهمة .فبعد العشاء فى تلك الليلة نزل السيد جونز إلى المطبخ وطلب طبقاً من مزيج دقيق الذرة لزوجته التى اشتكت من أنها ليست على مايرام. وقد انتظر فى المطبخ حتى انتهت غلاديس من إعداد المزيج , ثم حمله وصعد بنفسه إلى غرفة زوجته . وأعترف أن ذلك بدا لنا حلاً للقضية .
اومأ المحامي براسه وقال وهو يعدد على أصابعه : الدافع والفرصة .فبصقته بائعاً جوالاً لشركة أدوية يمكنه الوصول بسهولة إلى السم .
وأضاف القس: وهو _ فوق ذلك_ رجل ضعيف الوزاع الخلقي.
كان ريموند وست يحدق إلى السير هنرى ثم مالبث ان قال: توجد ثغرة فى مكان ما .....لماذا لم تعتقلوا الرجل؟
ابتسم السير هنرى بشئ من خيبة الأمل وقال : ذلك الجزء المؤسف في القضية .كان كل شئ قد سار حتى الآن بشكل سلس , وهانحن نصل الآن إلى العقبات المفاجئة . لم يتم القبض على جونز لأن الانسة كلارك إخبرتنا عند التحقيق معها بأن السيدة جونز لم تأكل شيئاً من طبق مزيج دقيق الذرة , بل هي التى أكلته ,اي كلارك نفسها . نعم ,يبدو أنها ذهبت إلى غرفة السيدة جونز كما هي عادتها , وكانت السيدة جونز جالسة فى سريرها وإلى جانبها الطبق, وقد قالت" لا أشعر أننى على مايرام ياميلي , وهذا عقاب أستحقه إذ أكلت جراد البحر ليلاً . لقد طلبت من البرات أن يجلب لي بعضاً من مزيج دقيق الذرة , ولكنني_ وقد جئ به إلى الآن_ لاأشعر بأننى أشتهيه" وقد علقت الآنسة كلارك قائلة : أمر مؤسف ,خاصة وأنه محضر بشكل جيد أيضاً وليست به كتل. وإن غلاديس طباخة رائعة حقاً .قليل من الفتيات من يستطعن تحضير مزيج دقيق الذرة بشكل جيد فى ايامنا هذه , وإننى أعلن أننى أشتهيه شخصياً ,فأنا جائعة"
وعندها أجابتها السيدة جونز : أظنك فعلاً جائعة نتيجة وساوسك الغبية .
توقف السير هنرى ليعلق قائلاً : لابد لي من أن أوضح أن الانسة كلارك _وقد أقلقتها الزيادة فى سمنتها _ كانت تتبع نظام حمية .وهذا هو مااعنته السيدة جونز بالوساوس , فقد قالت لها : هذاليس جيدا بالنسبة لك ميلي ,ليس جي
بالفعل .إن كان الله قد خلقك سمينة فهذا يعنى أنه أراد لك أن تكونى سمينة .كلي هذا المزيج فسوف يفيدك كثيراً
وهكذا شرعت الانسة كلارك فى أكل المزيج ...... وأكلته كله بالفعل ,ةبذلك فإن قضيتنا ضد السيد جونز قد تهافتت تماماً . وعندما طلب منه تفسيراً للكلمات التى كانت على ورقة النشاف اعطى تفسيراً فورياً جاهزاً , إذقال إن الرسالة كانت جواباً على رسالة كتبها إليه أخوه فى استراليا يطلب مالاً , وقد كتب لأخيه مشيراً إلى أنه معتمد كلياً على زوجته , وعندما تموت زوجته فإنه سيكون مسؤولاً عن المال وسيساعدأخاه إن أمكنه ذلك . وقد أعرب عن أسفه لعدم قدرته على مساعدة , ولكنه أشار إلى أن فى العالم المئات والألوف من الناس ممن يعانون من نفس تلك الظروف المؤسفة .
قال الدكتور بيندر: وهكذا انهارت القضية .
أجابه السير هنرى وهكذا انهارت القضية , فلم نستطيع المجازفة باعتقال جونز دون وجود مايمكن الاعتماد عليه.

ساد بعض الصمت ,ثم قالت جويس: وهذا هى القصة كلها ,أليس كذلك؟
قال السير هنرى : هذه هى القضية كما ظلت دون حل طوال العام الماضى .أماالحل الحقيقي فهو فى أيدي الشرطة سكوتلانديارد الآن , وربما قرأتم عنه فى الصحف فى غضون يومين أوثلاثة .
قالت جويس بتأمل : الحل الحقيقي....... أمر محير .دعونا نفكر جميعاً لخمس دقائق ثم نعود للكلام.
أومأ ريموند وست برلأسه ونظر إلى ساعته ليبدأ التوقيت , وعندما انتهت الدقائق الخمس التفت إلى الدكتور بيندروقال: أتبدأ فى الكلام ؟
هز العجوز رأسه وقال : أعترف بأننى حائر تماماً. لا أملك إلا أن أشعر بأن الزوج هو الطرف المذنب ,ولكنني لا أستطيع تصور الطريقة التي اتبعها للقيام بذلك . كل مايمكنني قوله هو أنه دس لها السم دون شك بطريقة ما, مع أنني لاأستطيع تخيل الكيفية التى امكن من خلالها اكتشاف تلك الطريقة بعد مرور كل هذا الوقت.
_جويس؟
قالت جويس جازمة: إنها المرافقة ,المرافقة بالتأكيد ! كيف لنا أن نعرف أي دافع كان يدفعها ؟ إن كونها عجوزاً وسمينة وبشعة لا يعني أنها لم تكن تحب جونز شخصياً . وربما كلنت تكره الزوجة لسبب آخر مختلف .فكروا فى مهنةالمرافقة ....... إن عليها دوماً أن تكون مسلية وأن تبدي الموافقة وتكتم مشاعرها وتكبح رغباتها . وفي يوم مالم تعد قادرة على على تحمل ذلك, وعندها قتلتها . وربما كانت قد وضعت السم فى ذلك الطبق , وربما كانت كل تلك القصة عن تناولها لمزيج دقيق الذرة كذباً.
_السيد بيثريك؟
وضع المحامي رؤوس أصابعه بعضها مقابل بعض بشكل يدل على الاحتراف وقال : لا أكاد أستطيع الإدلاء برأي , لاأكاد أستطيع ذلك بالاعتماد على هذه الحقائق .
قالت جويس معترضة: ولكن لا بد لك من إبداء رأي. لا يمكنك أن تحتفظ بحكمك وتقول "دون إضراربأحد " وتمثل علينا دور القانوني .لابد أن تلعب اللعبة .
قال السيد بيثيريكمسايراً: وفقاً لهذه الحقائق لا يبدو لي مايمكن أن يقال . إن رأيي الشخصي _وقد خبرت مع الأسف كثيراً من هذه القضايا_أن الزوج هو امذنب . ويبدو أن التفسير الوحيد الذي يمكن أن يغطي كافة الحقائق هو أن الانسة كلارك قد تسترت على الزوج لسبب أو لآخر .ربما كلن بينهما ترتيب مالي ما. ربما أدرك بأنه سيكون موضع شبهة , وربما وافقت هي_وهي لاترى أمامها إلا مستقبل الفقر_ على الإدلاء بقصة تناولها للمزيج مقابل مبلغ كبير من المال يدفع لها سراً. فإن كانت تلك هي الحال فهي حال شاذة جداً بالطبع , حال شاذة حقاً.
قال ريموند : أنا اختلف معكم جميعاً . لقد نسيتم العامل الأهم فى هذه القضية ,ابنة الطبيب .سأخبركم بتحليلي للقضية .لقد كان جراد البحر المعلب فاسداً, وهذا يفسر أعراض التسمم . وقد أرسل فى طلب الطبيب فوجد السيدة جونز تعانى من ألم عظيم لأنها أكلت من الجراد أكثر من الآخرين , وبعث _كما أخبرتنا ياسير هنرى _ فى طلب حبوب أفيون .لم يذهب بنفسه ,بل أرسل فى طلبها .من الذي سيعطي الرسول حبوب أفيون ؟ابنته كما واضح .إنها تحب جونز , وفى تلك اللحظة تنشط فى نفسها كل الغرائز السيئة وتدرك أن فى يدها وسيلة تحريره .وهكذا فإن الحبوب التي أرسلتها تحتوي على الزرنيخ الأبيض الصرف .هذا هو تصوري لحل القضية .
قالت جويس بلهفة: والآن أخبرنا بالحل ياسير هنرى .
ولكن السير هنرى ردقائلاً: انتظري لحظة , فالآنسة ماربل لم تتكام بعد.
كانت الآنسة ماربل تهز رأسها بأسى , ثم قالت : ياإلهي ! لقد أغفلت غرزة أخرى من الصوف , فقد كنت منسجمة جداً مع هذه القصة . إنها قضية محزنة , محزنة جداً . إنها تذكرني بالعجوز السيد هارغريفز الذي يعيش في أعلى المرتفع هناك. لم تراود زوجته أية شكوك أبداً حتى توفي تاركاً كل أمواله لامراة كان يعيش معها وله منها خمسة أولاد .كانت المرأة خادمة عندهم في وقت من الاوقات ، وكانت السيدة هارغريفز تصفها دوماً بأنها فتاة رائعة ,يعتمد عليها كثيراً فى قلب الفراشات كل يوم وتنظيف ماتحتها , باستثناء أيام العطلات طبعاً.وكان السيد هارغريفز قد أسكن تلك المرأة فى بيتفى البلدة المجاورة واستمر فى منصبه كأحد رعاة الكنيسة مؤدياً كل طقوسها .
قال ريموند بنفاد صبر: ياخالتي العزيزة جين, ماعلاقة هارغريفز الذي شبع موتاًبالقضية ؟
ردت الاتسة مارل : لقد جعلتني هذهالقصة أفكر فيه فوراً, فالحقائق متشابهة كثيراً ,أليس كذلك؟ أحسب أن الفتاة المسكينة قد اعترفت الآن , وهذا ما جعلكم تعرفون ياسير هنرى .
سال ريموند وست: أي فتاة؟ ياخالتي العزيزة ,مالذي تتكلمين عنه؟
_عن تلك الفتاة المسكينة ,غلاديس, التى انفعلت كثيراً عندما تكلم معها الدكتور , وحق لها أن تنفعل .... المسكينة ! أرجوأن يشنق ذلك الشرير جونز , وقد جعل من تلك الفتاة المسكينة قاتلة . أحسب أنهم سيشنقونها هي الأخرى ........ مسكينة .
قال السيد بيثيريك: أظن أنك أسأت فهم الموضوع قليلاً يالنسة ماربل .
ولكن الانسة ماربل هزت رأسها بعناد والتفت إلى السير هنرى قائلة : إنني على صواب , أليس كذلك؟بدت القضية واضحة تماماً بالنسبة لي. ألا تعلمون أننا نسمي تلك الحبيبات الملونة التى نزين بها الحلوى "المئات والألوف" ؟ أضيفوا إلى هذا مسألة الترايفل على العشاء . لا يمكن للمرء إغفال ذلك.
صاح ريموند: ماذا بشأن المئات والألوف والترايفل؟
_إن الخدم عادة مايضعون تلك الحبيبات التى نسميها "المئات والألوف" على حلوى الترايفل ياعزيزي ,تلك الحبيبات الملونة من السكر .عندما سمعت أنهم تناولوا الترايفل على العشاء , وأن الزوج كان يكتب لشخص ما عن المئات والألوف فإنني ربطت بين الأمرين بلطبع .هناك كان الزرنيخ ....... فى تلك الحبيبات .تركها مع الفتاة وطلب منها أن تضعها على الترايفل.
قالت جويس بسرعة : ولكن ذلك مستحيل , فقد أكلوا جميعاً من الترايفل.
قالت الانسة ماربل :آه ,لا . لقد كانت المرفقة تتبع نظام حمية إن كنت تذكرين , والمرء لايأكل حلوى الترايفل عندما يتبع نظام الحمية . وأظن أن جونز اكتفى بكشط تلك الحبيبات عن حصته من الحلوى وتركها فى طرف طبقه .كانت فكرة ذكية , ولكنها فكرة شريرة جداً أيضاً.
تسمرت أعين الباقين على السير هنرى فقال بتمهل: أمر غريب جداً, ولكن الانسة ماربل صدف أن اصابت كبد الحقيقة . لقد ورط جونز غلاديس, وكانت يائسة تقريباً. أراد إزاحة زوجته عن الطريق, وقد وعد غلاديس بأن يتزوجها عندما تموت زوجته .سم حبيبات السكر وأعطاها لها مع تعليمات حول كيفية استخدمها . لقد ماتت غلاديس قبل أيبوع , وقد مات مولودها عند الولادة وهجرها جونز ليذهب إلى امرأة أخرى . عندما كانت تحتضر اعترفت بالحقيقة .
ساد الصمت لبضع لحظات ثم قال ريموند : حسناً ياخالة جين , هذه واحدة لصالحك .لاأعرف كيف تمكنت من الوصول إلي الحقيقة ,فما كنت لأفكر بالخادمة الصغيرة باعتبارها متورطة فى الجريمة !

قالت الانسة ماربل : صحيح ياعزيزي ، ولكنك لاتعرف من الحياة بقدر ماأعرف. إنرجلاًمن شاكلة جونز هذا يكون قاسياً وذا نزوات .فور سماعي أنفتاة جميلة كانت فى البيت شعرت بالثقة بأنه لايمكن أنيتركها لشأنها .الأمر كله مؤلم مزعج . وليس الكلام عنه بالشئ المريح.لايمكنني أنأصف لك الصدمة التى تعرضت لها السيدة هارغريفز واللغط العظيم الذي أثاره ذلك فى القرية .

المفقودة


المفقودة

ضغط بوارو قدميه على الأرض محاولاً تدفئتهما وتساقطت من شاربيه نقط من ذوبان الجليد وسمع طرقاً على الباب ظهرت بعده الخادمة كانت فتاة ريفية تميل إلى السمنة وأخذت تنظر بإستغراب إلى بوارو وكأنها لم ترا شخصاً على شاكلته من قبل ثم سألته قائله هل دققت الجرس ؟
نعم أرجو أن تشعلي لي ناراً ؟
فخرجت وعادت مسرعه تحمل ورقاً وأعواداً من الخشب وضعتها في الندفئه وبدأت تشعلها وراح بوارو يضغط على قدميه ويفرك يديه ويقربهما من وهج النار
لقد قطع مسافة ميل ونصف ميل في طريق وعر يكسوه الجليدوأضطر أن يمشي طوال هذه المسافه لتعطل سيارته حتى وصل إلى قرية هارتلي دن الواقعه على شاطئ النهر وهذه القريه مشهوره بجمالها في الصيف يفر منها الإنسان في الشتاء وروع باورو عندما أخبره صاحب الفندق أن في إمكانه أن يقدم له سياره أخرى يتم بها رحلته كيف يخرج على مألوفه ويستأجر سياره بينما هو يملك سياره وسياره غالية الثمن هو مصمم على العوده ها إلى المدينه؟وهو لن يعود إلى في الصباح حين يكون الجليد قد ذاب والسياره قد تم إصلاحها
مد بوارو قدمية بالقرب من المدفئه وهو يمسك بيده قدحاً متواضعاً يرشف منه سائلاً أسود قيل أنه قهوه ولاكن لهب النار وحرارتها جعلته يشعر كأنه في جنة الخلد حتى نسي الطعام الرديء الذي أكله والقهوه القذرة التي كان يشربها
وطرقت الخادمه الباب ودخلت وهي تقول رجل من ورشة الإصلاح يريد مقابلتك ياسيدي
دعيه يدخل
دخل شاب عليه مسحة من الوسامه والبساطه وقال لقد فحصت العربه وعرفت الخلل الذي بها وسوف يستغرق إصلاحه نحو ساعه
ماهو ذالك الخلل؟
راح الشاب يتكلم عن أشياء فنيه لاتهم بوارو كثيراً وأخذ هذا يهز رأسه كأنه منتبه لمايقوله الشاب بينما هو في الحقيقه غبر ملم بكلامه وأخذت عيناه تضيقان قليلاً ثم قال :لقد فهمت نعم فهمت لأن سائق سيارتي أنبأني بكل ما قلت
فرأى حمرة الخجل تعلو وجه الشاب الذي تناول القبعه بيده في شيء من الإضطراب وسمعه بوار ويقول :نعم سيدي أنا أعرف
فأجاب بوارو :أستحسنت ن تحضر بنفسك لتخبرني بالمطلوب
نعم سيدي لقد فضلت أن أحضر بنفسي
فقال بوارو:أشكر لك عنايتك الزائده
كانت هذه الكلمات تحمل معنى الإذن لشاب بلإنصراف ولا كنه لبث واقفاً في مكانه أمسك بقبعته وتنحنح ثم قال بنبرات
يضهر فيها الإرتباك:أستميحك عذراً ياسيدي ألست أنت السيد بوارو الشرطي السري الخاص المعروف؟
نعم أنا بوارو
احمر وجه الشاب وقال:لقد قرأت عنك مرة في الجرائد
نعم
فتغير وجه الشاب وانتبه بوارو فقال له :نعم ولاكن لماذا تسألني ؟
أخشى أن تضن أن اضطرابي إنما هو نتيجة خوف ولاكن الحقيقه أن حضورك الفجائي إلى هنا وما سبقه من ذيوع لشهرتك في تحقيق الجنايات وقرائتي شيئاً عنها في الجرائد كل هذا جعلني ارغب في سؤالك أمراً هل ثمة مانع؟
فهز بوارو رأسه وأجاب :هل تريد مني أن أساعدك في شيء ما ؟
فقال الشاب متردداً :نعم نعم سيدة شابة أرجو البحث عنها ؟
البحث عنها؟هل أختفت؟
نعم ياسيدي لقد أختفت
اعتدل بوارو على كرسيه وقال بحدة:يمكنني أن أساعدك ولكني أفضل أن تذهب إلى
رجال الشرطه لأن وسائلهم أكثر يسراً
-
لايمكنني أن أفعل ذالك ياسيدي لأن المسألة لها طابع خاص
حملق فيه بوارو وأشار له بالجلوس وقال:حسناً ما اسمك إذن؟
تيد ليمسون ياسيدي
اجلس ياتيد وأخبرني بكل شيء
شكره الشاب وجلس على حافة المقعد فقال له بوارو بهدوء: أخبرني
تنهد الشاب بعمق وقال:لم أرها غير مرة واحده ولم أعرف اسمها ولا حقيقتها
فقال بوارو:اسرد علي القصه من أولها لا تتعجل أخبرني بكل ما حدث لك
حسناً سيدي لعلك تعرف نادي جرسلون الواقع على شاطيء النهر بالقرب من القنطرة؟
لا أعرف شيئاً على الإطلاق
يملك هذا النادي السير جورج ساندرفليد يقضي فيه عطلة الأسبوع في الصيف مع جمهرة
من الممثلات وبعض أصدقائه للهو وقد استدعيت في شهر يونيو الماضي لإصلاح خلل بالراديو
هز بوارو رأسه واستمر الشاب يقول:ذهبت في الحال وكان صاحب القصر على شاطئ البحر مع
ضيوفه والطباخ قد خرج لبعض شؤونه فلم أجد سوى مساعده يعد المائده للغداء
وإحدى الوصيفات وأخذتني الوصيفه إلى مكان الجهاز وجلست بجواري أثناء قيامي بإصلاحه
وتحدثنا بالطبع سوياً كان اسمها فاليتا حسب قولها وقالت إنها وصيفة لراقصه روسيه
كانت مع الضيوف حينذاك
ماهي جنسيتها ؟هل كانت إنجليزيه؟
كلا ياسيدي بل أظن أنها فرنسية ففي نبرات صوتها عذوبة وظرف وهي تجيد الإنجليزيه
وتوطدت بيننا الصداقة فدعوتها لتذهب معي إلى السينما ولاكنها اعتذرت إذ ربما تحتاج إليها سيدتها
ثم عادت وقبلت دعوتي بعد ان حددت الموعد المناسب لها كانت نزهة جميلة على شاطئ النهر
ثم صمت الشاب قليلاً وارتسمت على شفتيه ابتسامة عذبة
وغامت في عينيه لمحة من الذكريات فقال بوارو بهدوء:هل كانت جميلة؟
لم أر في حياتي شيئاً أحب إلي قلبي منها إلى قلبي لن أنسى شعرها الذهبي
وهو يتماوج مع النسيم كأنه أجنحة ذهبية ولا ظرف حديثها وعذوبة صوتها
لقد أسرتني بجمالها وأصبحت لا أريد من هذا الوجود شيئاً سواها
فهز بوارو رأسه,واستمر الشاب يقول :لقد وعدتني بقضاء لحظة ممتعة أخرى عندما
تحضر مع سيدتها في المرة القادمة بعد أسبوعين ,ولكنها لم تحضر إلى مكاننا الموعود
وانتظرتها طويلاً بغير جدوى ,وعندما يئست تجرأت وذهبت إلى النادي وسألت عنها, فقيل لي إن الراقصة الروسية قد حضرت ومعها خادمتها وبعد قليل جاءتني خادة دميمة الخلق بدينة الجسم وقالت إن أسمها ماري أما الوصيفه السابقه
فقد طردت .وكدت أصعق وأسقط في يدي , فماتت الكلمات على شفتي وعدت أدراجي
ولاكني تشجعت وعدت ثانية أسأل ماري عن عنوان نيتا ووعدتها بمكافأه سخيه, فعادت بعد قليل تخبرني أنها في شمال لندن,فأرسلت إليها خطاباًرده إلي مكتب البريد بعد بضعة أيام
ثم أردفته بأخر فكان حضة مثل حض الأول .
ثم صمت لحظة ونظر إلى بوارو بعينيه الغائرتين وقال:أظن أنه يتبين لك مما ذكرت أن مسألتي لا تصلح للعرض على
الشرطة, وأنا مستعد أن أدفع لك عشر جنيهات إذا استطعت الحصول على فتاتي.
قال بوارو :لا ضرورة لأن نتناول الناحية المالية الأن, ولاكن أريد أن أسألك سؤال واحداً:هل هذه الفتاة المدعوة نينا تعرف اسمك وعملك؟
-
نعم ياسيدي
-
هل في إمكانها الاتصال بك إذا أرادت؟
-
نعم
-
هل تظن أنها ربما..
فقاطعه تيد قائلاً:أظنك تعني ياسيدي أنها لاتحبني كما أحببتها ؟ربما.فقد فكرت في هذا طويلاًوأنا واثق أنها كانت تميل لي .لابد أن يكون هناك شيء شغلها فقد كانت تعيش في بيئة سيئة ولعلها تورطت في بعض المتاعب هل تفهم ما أعني؟
_
لعلك تريد أن تقول إنها ستضع طفلاً عما قريب هل هو منك؟
-
كلا ياسيدي ,فلم تكن بيننا علاقة أثمة.
نظرإليه بوارو طويلاً وقال:إذا كان ما تظنه حقيقة,فهل لا تزال راغباً في العثور عليها؟
احمر وجه تيد وقال :نعم,وأريد أن أتزوجها إذا شاءت
ولا يعنيني ما تكابده الأن.أرجوك ياسيدي أن تجدها لي وحسب
فابتسم بوارو وقال لنفسه:شعر كأجنحة ذهبية ...سيكون الكشف عن هذه المسألة من المعجزات

الفصل لثاني:
نظر بوارو في ورقة مكتوب فيها عنوان الأنسة نيتا فاليتا
((17
وينفرولين,رقم15))وهولا يدري إذا كان العنوان الذي قدمه إليه تيد سيهديه إلى ضالته. ذهب إلى المنزل رقم15
المذكور ففتحت له الباب امرأة بدينة فسألها:الأنسة فاليتا؟
-
لقد تركت هذه الدار منذ عهد طويل
فتقدم بوارو خطوة إلى داخل المنزل وقال :هل يمكنك أن تعطيني عنوانها؟
-
لا,فهي لم تتركه لنا
-
متى رحلت عن هذه الدار ؟
-
في الصيف الماضي.
-
هل يمكنك أن تخبريني بالتحديد؟
وهنا سمع رنين نقود في يد بوارو ,فسال لعاب المرأة واختفى عبوسها ثم قالت:أوأكد لك ياسيدي أنني أريد مساعدتك . ربما كان ذالك في شهر أغسطس . أعتقد أنه قبل هذا التاريخ ,نعم في شهر يوليو ,فقد رحلت مسرعة في الأسبوع الأول من يوليو,رحلت إلى إيطاليا على ما أظن.
-
إذن هي إيطالية؟
-
نعم ياسيدي
-
وكانت في وقت ما وصيفة لراقصة روسية؟
-
هذا صحيح.إنها مدام ساموشينكا , وكانت ترقص في ملهى تيسبيان , وقد غزت قلوب رواد الملهى.
فقال بوارو:هل تعرفين لماذا تركتها الأنسة فاليتا ؟
فترددت المرأة قليلاًثم قالت:لا أعرف ,لعلها قد طردت ربما حدث بينها وبين سيدتها شيء لم تفصح فاليتا عنه.
ولاكنها كانت شديدة الغضب ولعلها لم تدع الأمور تمضي بسلام, فهي بطبيعتها الإيطالية الحادة وعينيها السوداون لا تحجم إذاغضبت من أن تطعن خصمها بسكين, ولهذا لم أكن أعارضها عندما تثور
-
هل تجزمين بأنك لا تعرفين عنوانها الحالي ؟
ورنت النقود في يده ثانية,فتشجعت وردت:أشعر برغبة في مساعدتك ,ولاكنها رحلت على جناح السرعة .وهناك قال بوارا في نفسه:نعم هناك
الفصل الثالث:
كان امبروز فاندل منهمكاً في عمل التصميمات اللازمة لحفلة الرقص المقبلة عندما التفت إلى بوارو وقال له :ساندرفيلد؟
جورج ساندرفيلد,ذلك الثري المعروف .إنه رجل سيء السمعة وله علاقة مع الراقصة كاترينا ساموشينكا .هل رأيتها؟إنها فاتنة جداً
-
هل توجد علاقة بين هذه الراقصة وساندرفيلد؟
-
نعم فقد اعتاد أن تقضي معه عطلة الأسبوع في قصره القائم على ضفة النهر حيث يقيم حفلات ضخمة
-
هل يمكنك أن تعرفني بالأنسة ساموشينكا؟
-
أنا أسف ,فقد رحلت إلى باريس فجأة إذأشيع عنهاأنعا جاسوسة روسية,ولكنني لم أصدق ذلك لأنها تبغض الشيوعيين
وتدعي أنها من اروس البيض وابنة أحد أمرائهم
الفصل الرابع

كان السير جورج ساندر فيلد قصير القامة غليظ العنق ,وقد قابل بوارو بشيء من الفتور
وسأله:ماذا يمكنني أن أفعل لك؟
نحن لم نلتق قبل الأن.
فأجابه بوراو:نعم نحن لم نلتق قبل الفعلاً
-
إذن فماذا تريد؟
-
المسألة بسيطة ,أريدالحصول على معلومات تاففهة جداً
ضحك السير ساندرفيلد على الرغم منه ورد:أتريد أن أفضي إليك بمعلومات تفيدك في شؤونك المالية؟
ليست المسألة خاصة بالشؤون المالية ولكنها متعلقة بإمرأة
-
امرأة
-
أظنك كنت صديقاً للأنسة كاترينا ساموشينكا؟
ضحك السير ساندرفيلد وقال:نعم فتاة ساحرة ولكنها رحلت من لندن مع الأسف
لماذا رحلت؟
لا أدري ويؤسفني إني لا أستطيع مساعدتك لا نقطاع الأسباب بيني وبينها
فقال بوارو :ولاكن أمر الأنسة ساموشينكا لا يعنيني
-
من تريد إذن؟
-
وصيفتها لعلك تذكرها
لاح عليه الضيق والحرج وأجاب:كيف أذكر ذلك ؟أنا أفهم أنها دائماً تحتفظ بإحدى الوصيفات وكانت عندها وصيفة لا تعرف الصدق أبداً
فقال بوارو :يلوح لي أنك تعرف عنها الكثير
-
كلا وإنما هي ذكريا باهتة فأنا لا أتذكر اسمها
ربما كان ماري أو أي اسم أخر ولهذا أجدني لا أستطيع مساعدتك في الوصول إليها.
قال بوارو بهدوء: لقد حصلت على اسم الوصيفة من ملهى تيسبيان وهو ماري هيلين غير أنني أتحدث عن وصيفة مدام ساموشينكا السابقة وهي نيتا فاليتا.
حملق السير ساندرفيلد وقال:لا أذكرها مطلقاً ولكن ماري هي الوصيفة التي أذكرها دكناء اللون عمشاء العينين.
فقال بوارو :الفتاة التي أعنيها كانت في قصرك المسمى جرسلون في يونيو الماضي.
-
حسناً كل ما أستطيع أن أذكره لك هو أنني لا أتذكر هذه الوصيفة ولا تصدق أنها كانت تصحب معها وصيفة لعلك مخطىء ياعزيزي
فهز بوارو رأسة لأن يظن أنه لم يكن مخطئاً
الفصل الخامس
ألقت ماري هيلين على بوارو نظرة هادئة ثم كر بصرها إليه بلمحة سريعة فقالت :أذكر تماماً أنني أشتغلت عند مدام ساموشينكا
في الأسبوع الأخير من شهر يونيو لأن وصيفتها السابقة قد رحلت فجأة
-
ألم تسمعي عن سبب رحيلها الفجائي؟
كل ما أعرفه أنها رحلت فجأه ربما كان ذلك بسبب المرض أو أي سبب أخر لا أعلمه لأن السيدة لم تذكر عنها شيئاً
-
هل كنت تستريحين لخدمة مدام ساموشينكا؟
هزت الفتاة كتفيها وأجابت :لقد كانت غريبة الأطوار تبكي وتضحك في أن ثم تبتهج وتبتئس في أن أخر لا يمكن معرفة طباعها إنها كمعظم الراقصات هكذا خلقن
سألها بوارو:وما رأيك في السير جورج سانرفيلد؟
فغامت في عينيها سحابة حزن وأسى وقالت:لعلك تريد أن تعرف شيئاً عنه؟يمكنني أن أخبرك عنه أموراً غريبة
فقاطعها بوارو قائلاً:ليس ضرورياً
فنظرت إليه فاغرة الفم يتطاير من عينيها شررالغضب الممزوج باليأس
الفصل السادس
إنني أقول عنك دائماً أنك لا تجهل شيئاً أليكس بافلو فيتش.
قال بوارو هذه العبارة للكونت بافلوفيتش صاحب مطعم ساموفار بباريس يتملقه ويسترضيه لأن البحث عن ضالته المنشودة كان يتطلب منه سفراً طويلاً
وجهوداً شاقاً مضنياً , ولاكن بابلو فيتش يمكن أن يوفر عليه ذلك لأنه يزعم أنه لا تفوته شاردة ولا واردة في دنيا الفنانات والراقصات
فهز الرجل رأسه وقال:نعم ياصديقي ,أنا أعرف كل شيء حقيقة .أنت تسألني أين ذهبت الحسناء ساموشينكا الراقصة الفاتنة التي تأسر قلوب الرجال ؟لقد تفوقت على قريناتها في العالم كله ثم اختفت فجأة وسوف ينساها الناس.
فسأله بوارو :أين هي الأن؟
-
في سويسرا .لقد ذهبت إلى هناك للاستشفاء من داء ذات الرئة الذي أضعف جسمها وأذوى عودها حتى أصبحت كالأموات.
تنحنح بوارو وسأله:ألم تعرف وصيفتها المدعوة نيتا فاليتها؟
فاليتا؟نعم ,أذكر أنني رئيتها ذات مرة حينما كنت أودع ساموشينكا عند سفرها إلى لندن إنها إيطالية من بلدة بيزا أليس كذلك؟
فتمتم بوارو لنفسه:إذن يجب أن أرحل إلى بيزا

الفصل السابع
وقف بوارو في مقبرة كاميو سانتو ساكناً خاشعاً ففي أحد قبورها ترقد ضالته المنشودة .تلك الفتاة المرحة التي خلبت لب ذلك الشاب الإنجليزي الساذج
هكذا ختمت قصتها الدامية, وستبقى صورتها حيه في خيال ذلك الشاب المسكين
الذي لم ينعم بقربها سوى لحضة يسيرة في إحدى أمسيات شهر يونيو الماضي
وهز بوارو رأسه في أسف عميق, وتوجه بالحديث إلى عائلتها الحزينة,فتحدث مع والديها الريفيين اللذين هدهما الحزن
وشقيقتها التي أحالها الوجد والأسى هيكلاً أدمياً .قالت أمها الثكلى :لقد خطفها الموت ياسيدي كانت بيانكا تشكو من الزائدة الدودية , وقد رأها الطبيب أخيراً فصمم على نقلها إلى المستشفى فوراً لإجراء جراحة سريعة لإزالة الزائدة الدودية
وكأنما كان شبح الموت يتربص لها هناك ,ففاضت روحها أثناء العملية وهي في غيبوبة من تأثير البنج
وتمتم بوارو لنفسة:كانت نيتا دائماً ماهرة ذكية ومن المحزن أن تموت في هذه السن المبكرة وستكون الرسالة التي سأحملها إلى حبيبها المسكين((إنها لم تعد لك فقد ماتت))
الفصل الثامن
أرخى الظلام سدوله ولم تعدلزهور الربيع نضرتها وبهجتها ولكن الربيع(وهو موسم الحياة وعيد الشباب)له في النفوس دفعة وفي الأبدان حركة فهل يقنع بوارو بهذه النتيجة ؟لا يزال الشك يداعب خياله فتنهد طويلاً واستقر رأيه -في النهاية -على السفر إلى جبال الألب السويسرية ليحسم هذه الشكوك.
هو الأن عند نهاية الدنيا حيث يغطي ركام الجليد كل شييء وهذه الأكواخ المبعثرة هنا وهناك وتحوي هياكل أدمية تصارع الموت .
وصل أخيراً إلى كوخ كاترينا ساموشينكا ,فرأها ممددة في فراشها غائرة العينين والخدين وقد أخرجت من تحت غطائها ذراعين هزيلين لقد أثار هذا المنظر شجونه لقد نسي أسمها ولكنه لم ينس رقصاتها الفتية الرائعة
تذكر ميشيل نهوفجين في رقصة الصياد يداور طريدته حيناً ويطاردها أحياناً في تلك الغابة السحرية التي أخرجتها عبقرية أمبروز فاندل للمشاهدين كغابة حقيقية على خشبة المسرح
وتذكر الطريدة ..ذلك الغزال بقرنيه الذهبيتين وقدميه البرونزيتين يهرب من قناصه في خفة ورشاقة .تذكر ذلك الغزال حين صرعه القناص فسالت دماؤه ,وتذكر ميشيل نوفجين وهو يقف نادماً أمام غزاله الجريح فيأخذه من بين يديه كالواله المشدوه...
ونظرت ساموشينكا وهي في فراشها إلى بوارو ثم قالت:
لم أرك قبل الأن ماذا تريد مني؟
فانحنى بوارو قليلاً وقال:أشكر لك ياسيدتي أولاً فنك الرفيع الذي أتاح لي رؤيتك في إحدى الليالي
فابتسمت ابتسامة ضعيفة, وقال بوارو :جئت هنا لأبحث عن نيتا وصيفتك القديمة
فاتسعت حدقتا ها وسألته في دهشة :ماذا تعرف عن نيتا؟
-
سأخبر يا سيدتي
وروى لها قصة الميكانيكي تيد من أولها إلى أخرها وهي تصغي إليه بانتباه,وحين انتهى قالت:إنها مأساة مأساة مؤثرة حقاً
فهز بوارو رأسه وقال :نعم إنها مأساة . ماذا تعلمين عن هذه الفتاة ياسيدتي؟
قالت ساموشينكا وفي نبراتها حزن ظاهر:كانت عندي وصيفة تدعى جانيتا ,مرحة الطبع طيبة القلب ,فحدث لها ما يحدث لأمثالها الغريرات فاغتالها الموت وهي صغيرة.
فأثارت هذه العبارة فضوله وسألها :هل ماتت؟
-
نعم ماتت
وبعد لجظة سألها ثانية :ولكن هناك شيئاً واحداً غاب علي فهمه, وهو أنني حينما سألت السير جورج ساندرفليد عن فتاتك بدا عليه الاضطراب لماذا؟
فظهرت على وجه الراقصة علامات الامتعاض وقالت:ربما يكون قد اعتقد أنك تعني ماري التي خلفت جانيتا ,وقد حاولت تلك الفتاة ابتزازه لأمور لاحظتها عليه,فقد كان من عادتها التجسس على أخبار الناس وقراءة رسائلهم
وبعد أن صمت بوارو لحظة سألها :إذن فقد كانت فاليتا تحمل اسماً أخر وهو جانيتا؟ وهي أيضاً قد ماتت في بيزا على إثر عملية استئصال الزائدة الدودية
فقالت الراقصة بعد شيء من التردد :نعم هذه الحقيقة
فقال بوارو:ولاكن أهلها يذكرونها باسم بيانكا
فهزت ساموشينكا كتفيها وأجابت :بيانكا جانيتا ...هذه مسألة لا تهمني ولكني أظن أنها أستظرفت الاسم فأطلقته على نفسها
-
أنت تظنين ذلك ولكنني أظن أن في المسألة سرأ؟
ماهو؟
انحنى بوارو وقال : الفتاة التي وصفها لي تيد كانت ذات شعر كالأجنحة الذهبية
ثم دنا من ساموشينكا ولمس شعرها بيديه وتابع كلامه:
أجنحة ذهبية أوقرون من ذهب ... أجنحة كتلك التي كنت تبدين فيها ملاكاً أو شيطاناً , والقرون كتلك القرون الذهبية
كقرون ذلك الغزال الجريح
سألت كاترينا بصوت يائس حزين:الغزال الجريح؟
فرد بوارو :لا يزال وصف تيد ليمسون يلقي في روعي حيرة بالغة هذه الحيرة مصدرها أنت...أنت حينما كنت ترقصين بقدميك البرونزيتين في الغابة هل أخبرك بما يساورني يا أنستي؟
أظنك أمضيت أسبوعاً من غير أن تكون في خدمتك وصيفتك وفي خلال هذا الأسبوع سافرت إلى جرسلون لأن بيانكا فاليتا كانت قد تركتك وعادت إلى إيطاليا حيث ماتت في مقتبل العمر
إثر عملية جراحية . وكنت لم تحصلي على وصيفة جديدة وقد شعرت في ذلك اليوم بأعراض المرض فلم ترافقي الضيوف إلى شاطيء النهر بل بقيت وحيدة في المنزل وسمعت الجرس يرن وذهبت لتنظري من القادم .هل أخبرك من كان ذلك القادم؟
كان شاباً في برائة الأطفال وجمال أبطال الأساطير ,فانتحلت أمامه لا أسم فاليتا ...بل أسم نيتا فاليتا ثم عشت وإياه بضع ساعات في الفردوس...
وهنا ساد بينهما سكون عميق , أجابت بعده كاترينا بصوت أجش:لعلك على حق , ومصداقاً لقصدك فإن نيتا ستموت أيضاً في مقتبل العمر.
فقال بوارو وهو يضرب المنضدة بيده:كلا لن تموتي يجب أن تكافحي من أجل الحياة الجميلة
فهزت رأسها في يأس وحزن ثم أجابت :ولاكن أي حياة تنتظرني؟
-
ليست حياة المسرح ولكنها حياة أخرى.تعالي معي يا أنستي , وأرجو أن تصدقيني القول :هل كان أبوك أميراً أو دوقاً أو جنرالاً عظيماً؟
فضحكت وأجابت :بل كان سائق شاحنة في لينغراد
-
حسناً ولماذا لا تكونين زوجة لذلك الميكانيكي القروي وتنجبين منه أطفالاً حساناً؟
فامسكت كاترينا أنفاسها ثم أجابت :إنها لفكرة خيالية
فقال بوارو :وأنا أظن أنها ستتحق
ق .